//كيف حالك//بقلم الشاعرة المبدعة ربيعة عبابسة

 كيف حالك؟

سؤال عابر في ظاهرِه، لكنه في العمق صرخة صامتة تفتّش عنك وسط ركام الأزمنة...


كيف حالك،

وقد ترككَ الماضي كعاشقٍ هاجر دون وداع، لكنه ما زال يسكنك كأغنيةٍ قديمةٍ تتكرر في قلبك رغم أنك تحفظ نهايتها؟

ماضٍ مضى، نعم، لكنه لم يرحل تمامًا، بل استقرّ في الذاكرة، كغبارٍ على مرآةٍ لا تمسح، كصوتٍ يتردد في المدى ولا ينقطع.


كيف حالك،

وحاضرك مقيدٌ بأغلالٍ لا تراها، تسير فيه كمن يمشي في نومه؟

كل شيء حولك يتحرك، إلا أنت...

تتأمل العالم، كمن يشاهد فيلمًا لا يستطيع تغيير أحداثه ولا الخروج من صالة العرض.


كيف حالك،

وأحلامك التي زرعتها في طفولتك، سُقيت بالخذلان وجفّت قبل أن تثمر؟

كم من فكرةٍ عانقت قلبك ذات مساء، ثم غادرتك عند أول صباح، كأنها لم تكن؟

هل تسأل نفسك أحيانًا: أكان الحلم هو الخطأ، أم أننا نحن من لم نحلم بالطريقة الصحيحة؟


كيف حالك،

والمستقبل واقف هناك... لا يُقبل ولا يُرفض، مجرّد ظلٍ في ضباب، لا تملك منه شيئًا إلا القلق؟

كأنك تسير في ممرّ لا تعرف نهايته، كل ما في يدك مجرد شمعة، والنفَس يرتجف أن تطفأ.


كيف حالك،

وأنت الإنسان؟

هذا الكائن الذي يسكنه الزمن من كل الجهات،

ماضي يسكبه في وجدانه،

وحاضر يقيّده بالعجز،

ومستقبل يربكه بالغموض...


لكن رغم كل شيء، لا تزال تسأل:

كيف حالك؟

وكأن في السؤال بقايا رجاء...

أن يكون الجواب: "أنا بخير، رغم أن كل شيء يقول


عكس ذلك."

ربيعة عبابسة الجزائر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

//بتلات الياسمين//بقلم الشاعرة المبدعة سلوى محفظ

//اعتذار وغياب//بقلم الشاعرة المبدعة سلوى محفظ

//خرابيش//بقلم الشاعرة المبدعة دنيا محمد//